في هذا العصر الذي يتسم بالسرعة والتكنولوجيا، صارت أنماط الحياة الخاملة مصدر قلق متزايد يؤثر على صحة الإنسان في شتى أنحاء العالم. ومع ذلك، يظل المشي إحدى أبسط الطرق وأكثرها فاعلية للتصدي لهذا التحدي. يُعد المشي نشاطاً بدنياً معتدلاً، لكن تأثيراته عميقة على الصحة البدنية والنفسية على حد سواء. من خلال تحريك العضلات والإقدام على مداعبة الأسفلت أو مسارات الطبيعة. ينطلق الإنسان في رحلة تكتنفها الفوائد الصحية التي لا تُعد ولا تُحصى. في هذا المقال، سنغوص في بحر فوائد المشي. ليس فقط كجزء من روتين اللياقة البدنية ولكن كممارسة يومية تضمن لنا جودة حياة أفضل والتمتع بزيادة العمر وتحسين الصحة العقلية والجسدية. من تقوية القلب والأوعية الدموية إلى تنقية الذهن وتعزيز الإبداع. دعونا نكتشف كيف يُمكن لهذا النشاط البسيط أن يُحدث فروقاً كبيرة في حياتنا.
فوائد المشي للدورة الدموية وتقوية عضلة القلب
المشي نشاط بدني معتدل يتميز بفوائده العديدة، خاصة للصحة القلبية الوعائية. إليك بعض الجوانب التي توضح كيفية مساعدة المشي في تعزيز الدورة الدموية وتقوية عضلة القلب:
- زيادة معدل ضربات القلب: المشي يزيد معدل النبض بطريقة صحية، مما يتيح للقلب ضخ الدم بكفاءة أكبر ويرفع من مرونته.
- تحسين الدورة الدموية: حركة العضلات أثناء المشي تعمل كمضخة تساعد على دفع الدم عبر الأوعية الدموية، مما يحسن من تدفق الدم وتوزيعه لمختلف أنحاء الجسم.
- خفض ضغط الدم: يمكن أن يساهم المشي المنتظم في خفض مستويات ضغط الدم المرتفع، مما يقلل العبء على القلب ويمنع الإصابة بمضاعفات الضغط المرتفع كأمراض القلب والسكتة الدماغية.
- تقوية عضلة القلب: كما هو الحال مع أي عضلة أخرى في الجسم، تقوم عضلة القلب بالتكيف مع مستوى النشاط البدني. حيث يؤدي المشي إلى تقوية عضلة القلب وزيادة كفاءتها في ضخ الدم.
- تحسين مستويات الكولسترول: المشي يساعد في خفض الكولسترول “السيء” LDL ورفع مستويات الكولسترول “الجيد” HDL في الدم، مما يؤدي إلى تحسين الصحة الشاملة للأوعية الدموية.
- تعزيز التعافي بعد الاضطرابات القلبية: للمرضى الذين تعرضوا لأزمة قلبية أو جراحة قلب. يعد المشي جزءًا مهمًا من عملية التأهيل القلبي ويساعد على تسريع الشفاء.
إن دمج المشي في الروتين اليومي يمكن أن يكون طريقة فعالة ومفيدة للحفاظ على صحة القلب والشرايين. من المستحسن استشارة الطبيب قبل بدء أي برنامج تمارين إذا كانت هناك قلق من وجود مشكلات صحية.
فوائد المشي في فقدان الوزن وإدارة الوزن
المشي هو وسيلة رائعة لفقدان الوزن وإدارته لأسباب عديدة، وإليك بعض الطرق التي يساهم بها في هذا الجانب:
- حرق السعرات الحرارية: المشي يستهلك طاقة ويؤدي بالتالي إلى حرق السعرات الحرارية، وهو عامل مهم في تقليل الوزن.
- زيادة الأيض: المشي يساعد على رفع مستويات الأيض، مما يعني أن جسمك يستمر في حرق السعرات الحرارية بمعدل أعلى حتى بعد انتهاء النشاط.
- التحكم في الشهية: النشاط البدني يمكن أن يؤدي إلى تحسين القدرة على التحكم في الشهية وقد يساعد في تقليل الإفراط في تناول الطعام.
- زيادة الكتلة العضلية: المشي النشط وخصوصاً المشي السريع أو صعود التلال يمكن أن يساعد في بناء العضلات. والأنسجة العضلية تحرق المزيد من السعرات الحرارية حتى في حالة الراحة.
- سهولة الدمج في الحياة اليومية: المشي نشاط سهل الدمج في روتيننا اليومي. يمكن المشي إلى العمل، استخدام الدرج بدلاً من المصعد، والخروج لنزهة بعد العشاء.
- تحسين الصحة العامة: المشي بانتظام يحسن الصحة العامة مما قد يقلل من التوتر والإجهاد النفسي الذي يمكن أن يساهم في زيادة الوزن. خصوصًا الإجهاد الذي يسبب الأكل العاطفي.
- تكلفة منخفضة وسهولة البدء: ليست هناك حاجة للانضمام إلى صالة الألعاب الرياضية أو شراء المعدات باهظة الثمن للبدء في المشي، لذا يمكن لأي شخص بدء تمرين المشي بسهولة.
لتعظيم فوائد المشي في فقدان الوزن، من المهم الانتظام وزيادة الوتيرة أو السرعة تدريجيًا. الجمع بين المشي وتناول غذاء صحي ومتوازن سيكون أيضاً أكثر فعالية في تحقيق وإدارة الوزن المثالي.
تمارين كارديو – أفضل 10 تمارين كارديو لحرق السعرات
كم سعرة حرارية تحرق ساعة من المشي
عدد السعرات الحرارية التي يمكن حرقها خلال ساعة من المشي يعتمد على عدة عوامل. بما في ذلك وزن الشخص، سرعة المشي، وطبيعة التضاريس. على سبيل المثال:
- شخص يزن حوالي 60 كيلوغراماً يمشي بسرعة معتدلة (حوالي 4.8 كيلومتر في الساعة) يمكن أن يحرق حوالي 200-300 سعرة حرارية في الساعة.
- شخص يزن حوالي 70 كيلوغراماً قد يحرق حوالي 300-400 سعرة حرارية عند نفس السرعة.
- وشخص يزن حوالي 90 كيلوغراماً يمكن أن يحرق 400-550 سعرة حرارية تحت الظروف نفسها.
إذا زادت السرعة أو كان المشي في منطقة بها مرتفعات أو منحدرات، يمكن أن يزيد معدل حرق السعرات الحرارية. يمكن استخدام أجهزة قياس اللياقة البدنية أو التطبيقات للحصول على تقدير أدق لعدد السعرات الحرارية التي يتم حرقها. حيث تأخذ هذه الأدوات بالاعتبار معايير مختلفة مثل الوزن والسرعة والمدة ومستوى النشاط.
فوائد المشي بتقوية العضلات والعظام
لمشي له تأثير إيجابي على العضلات والعظام، وهو يعتبر تمرينًا وزنيًا حيث تحمل وزن جسمك أثناء المشي. إليك بعض فوائد المشي في تقوية العضلات والعظام:
- زيادة كثافة العظام: المشي يحفز ويقوي العظام، مما يساعد في الحفاظ على كثافتها ويقلل من خطر الإصابة بالهشاشة.
- تحسين صحة المفاصل: المشي يزيد من تدفق السوائل المشتركة ويساعد في حماية المفاصل من خلال تقوية الأنسجة التي تحيط بها مثل الأربطة والأوتار.
- تقوية العضلات: المشي يعمل بشكل خاص على عضلات الساقين، الوركين، ومنطقة الأرداف، وكذلك عضلات البطن والظهر إذا تم المشي بوضعية صحيحة.
- تحسين التوازن والتناسق: المشي يعزز التوازن والتناسق، وبالتالي يقلل من خطر السقوط، خاصةً لدى كبار السن.
- منع ضمور العضلات: النشاط البدني، مثل المشي، يساعد على منع الضمور الذي يمكن أن يحدث مع التقدم في العمر.
- المساعدة في إدارة الحالات المزمنة: المشي يمكن أن يساعد في إدارة أمراض مثل السكري وآلام المفاصل. وهو مفيد للأشخاص الذين يعانون من حالات مثل التهاب المفاصل.
للحصول على أفضل النتائج، من الجيد دمج أنواع مختلفة من المشي مثل المشي السريع، المشي على الأرض المائلة، واستخدام الأدراج. وينبغي أيضاً الانتباه إلى المحافظة على نظام غذائي يحتوي على الكمية الكافية من الكالسيوم وفيتامين D للحفاظ على صحة العظام.
فوائد المشي في تحسين المزاج والصحة النفسية
المشي لا يفيد الجسم فقط بل له أيضًا تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية والمزاجية. فيما يلي بعض الأسباب التي تجعل المشي نشاطًا مفيدًا لتحسين المزاج والصحة النفسية:
- إفراز الإندورفين: المشي يحفز إفراز الإندورفينات في الدماغ، وهي مواد كيميائية تعمل كمسكنات طبيعية للألم وتعزز شعورًا بالراحة والسعادة.
- تقليل التوتر والقلق: يعمل المشي على خفض مستويات هرمونات الإجهاد في الجسم مثل الكورتيزول، ويساعد في إدارة التوتر والقلق.
- تحسين النوم: المشي يمكن أن يساعد في تحسين جودة النوم وتنظيم دورة النوم. الأمر الذي له تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية.
- زيادة الثقة بالنفس وتقدير الذات: المشي كنشاط بدني يحسن من الشكل العام واللياقة البدنية. وهذا يمكن أن يزيد الشعور بالإنجاز والرضا عن النفس.
- توفير فترة للتأمل والتفكير: المشي يمنحك فرصة للتفكير الهادئ أو التأمل، مما يساعد في صفاء الذهن والتخفيف من الإجهاد العقلي.
- زيادة التواصل الاجتماعي: المشي مع الآخرين يمكن أن يقدم فرصة للتواصل الاجتماعي وبناء العلاقات، مما يعزز الدعم الاجتماعي ويقلل الشعور بالوحدة.
- تعزيز التفاؤل والنظرة الإيجابية: التواجد في الهواء الطلق والاستمتاع بالطبيعة أثناء المشي يمكن أن يساعد في تبني نظرة أكثر إيجابية تجاه الحياة.
للحصول على هذه الفوائد، ينصح بأن تجعل المشي جزءًا من روتينك اليومي وتسعى لتجربة مسارات جديدة ومختلفة للمشي لجعل التجربة ممتعة ومتنوعة.
فوائد المشي في تعزيز القدرة العقلية والوظائف الإدراكية
المشي ليس فقط تمرينًا جيدًا للجسم، بل إنه يعزز أيضًا الصحة العقلية والوظائف الإدراكية. إليك بعض الطرق التي يساهم بها المشي في تعزيز القدرة العقلية:
- تحسين التركيز والانتباه: المشي يعزز تدفق الدم إلى الدماغ، مما قد يساهم في تحسين وظائف الدماغ مثل التركيز والانتباه.
- تحفيز النمو العصبي: يمكن للمشي أن يحفز إنتاج عوامل النمو العصبي، التي تساعد في تحسين الصحة العقلية والقدرات الإدراكية.
- تقليل خطر الإصابة بالخرف: نظرًا لأن المشي يحسن صحة الدماغ ويقوي الذاكرة، فقد يساهم في الوقاية من الأمراض التنكسية مثل الخرف والزهايمر.
- تعزيز الإبداع: المشي، خاصة في الطبيعة، يمكن أن يعزز مستويات الإبداع عن طريق إعطاء الدماغ فترة استراحة من المهام اليومية وتوفير تحفيز جديد.
- التقليل من الإجهاد المعرفي: المشي يخفف من الإجهاد العقلي ويساعد في تصفية الذهن، مما يوفر استراحة للدماغ من المهام العقلية المستنزفة.
- تحسين الذاكرة: النشاط البدني، مثل المشي، يعزز الذاكرة والقدرة على تعلم أشياء جديدة.
- دعم القدرات التنفيذية: يعزز المشي الوظائف التنفيذية مثل التخطيط، التنظيم، التناوب بين المهام، وتحديد الأولويات.
للتمتع بهذه الفوائد، فإن المشي اليومي أو النظامي يُعد وسيلة فعالة. كما يُنصح بتضمين تمارين ذهنية خلال المشي مثل حل الألغاز الذهنية أو ممارسة التأمل المتحرك لتعزيز الفوائد على الدماغ.
ما هوا الوقت الأمثل للمشي
الوقت الأمثل للمشي يمكن أن يختلف بناءً على أهدافك الشخصية وجدولك اليومي وتفضيلاتك الشخصية. لكن إليك بعض الإرشادات التي قد تساعدك على تحديد أفضل وقت لك:
- المشي في الصباح: الكثير من الأشخاص يفضلون المشي في الصباح لأنه يساعد على بدء اليوم بنشاط وحيوية ويمكن أن يكون محفزًا لنمط حياة صحي طوال اليوم. كما يعتبر المشي في الصباح مفيدًا في تسريع عملية الأيض.
- المشي في فترة ما بعد الظهر/العصر: بالنسبة للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الاستيقاظ باكرًا، قد يكون المشي في العصر أكثر ملاءمة. قد يساعدك المشي في هذا الوقت على التغلب على الركود الذي غالبًا ما يحدث بعد الظهر.
- المشي بعد الوجبات: المشي بعد الوجبات، خاصة بعد العشاء، قد يساعد في تحسين الهضم وتنظيم مستويات السكر في الدم.
- المشي في المساء: إذا كنت تكافح من أجل الاسترخاء في المساء أو تبحث عن طريقة لتقليل التوتر بعد يوم طويل، فقد يكون المشي في المساء مثاليًا لك.
المهم هو أن تختار وقتًا يناسبك وتستطيع الالتزام به بشكل منتظم. وأكثر من ذلك، يجب أن تكون البيئة ملائمة، فمثلًا المشي في الطقس الحار جدًا أو البرد الشديد قد يكون غير مريح وربما غير صحي. تأكد من ارتداء الملابس المناسبة للطقس وشرب كمية كافية من الماء للبقاء رطبًا.